مثلا عن طريق التحكيم والمصالحة أو إزالة الضرر أو غير ذلك من إلزام النفس بفعل الخيرات والعفو وكظم الغيظ وما أمر الله به من الدفع بالحسنة بدل السيئة:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت: ٣٤] .
وهذه القاعدة الإسلامية العامة -قاعدة مواجهة السلوك الأدنى بالسلوك الأفضل- تعتبر من القواعد الأساسية التي يبني عليها المسلم عمله، وهي تدفع بالحسم إلى مراجعة نفسه وتصرفاته؛ ومن ثَمَّ تغيير ما لديه من أفكار أو مفاهيم خاطئة, ويؤدي به ذلك إلى تغيير السلوك.
الخلاصة:
عرضنا في هذه العجالة لنموذج إسلامي لمعالجة الغضب، وقد تم بناء هذا النموذج أساسا على النموذج الذي أوضحه الإمام أبو حامد الغزالي والذي استقاه من المصادر الإسلامية؛ كتاب الله وسنة نبيه وأعمال السلف الصالح. وهذا النموذج سواء كان في تحديده لطبيعة الغضب وأسبابه ومستوياته أو في أساليب العلاج, من النماذج الأساسية التي يمكن للمرشد والمعالج المسلم أن يستفيد منها، وقد حاولنا أثناء العرض بيان بعض الجوانب من وجهة نظر علم النفس الحديث ويبقى أن هذا النموذج لا يجسد نظرية نفسية واحدة, بل يمكن أن يتجاوز علم النفس إلى الآثار الفيزيولوجية والبيولوجية, وهو قبل ذلك وبعد ذلك يتفوق على النماذج التي تستند إلى التصور الفلسفي أو إلى التجريب الإمبيريقي والتي يعيبها دائما أن المنطلقات والفرضيات الأساسية لم تأخذ في اعتبارها الجانب الديني "الروحي" في حياة الإنسان, كما أنها أهملت حتى بعض الجوانب المعروفة؛ وذلك للعجز عن دراستها أو لعدم الاقتناع بأهميتها "مثلا الجوانب المعرفية التي لم تدخل إلا منذ وقت قريب, سواء في تفسير أو علاج الغضب". وقد اشتمل نموذج الغزالي على توضيح للدوافع من حيث إنها أساسية وثانوية, ومن حيث إنها عامة وخاصة أيضا, وكذلك تناوله لنقص الغضب وهو أمر بدأ الاهتمام به حديثا في علم