في ٨ نوفمبر سنة ١٩١٧ بعد أن قامت الثورة الشيوعية، وبدأت تنفيذ هذا النظام الاشتراكي الذي يدعونا إليه صادرت الحكومة كل الملكيات الكبيرة بدون تعويض، وآلت الملكيات الزراعية إلى مجالس الفلاحين. وفي الرابع عشر من نوفمبر سنة ١٩١٧ خضعت كل المؤسسات الصناعية والتجارية للإشراف الفعلي المباشر للعمال، واستولت الدولة على فائض الإنتاج عينًا، ومضت أربع سنوات وفشلت التجربة، وخرب الاقتصاد، وأنشبت المجاعة مخالبها في كبد الشعب المسكين؛ نتيجة هبوط الإنتاج إلى خمس ما كان عليه قبل مصادرة هذه الملكيات، وبعد ثلاثة أيام عادت الحرية للتجارة الخارجية والداخلية، وفي السابع عشر من مايو سنة ١٩٢١ صُرح لصغار المنتجين أن يبيعوا منتجاتهم لحسابهم، وفي سبعة يونيو سنة ١٩٢١ أُلغي تأميم كل المؤسسات الصناعية التي لا يزيد عدد العمال فيها على عشرين عاملًا.
وهكذا نجد أن هذه الدعايات الاشتراكية لم تقف في مهب الريح، وثبت فشلها بعد سنوات قليلة من تطبيقها، فهي ليست -كما يقولون- فرصة ثمينة لإسعاد البشرية، ولكنها كسحابة صيف، أو فقاقيع منفوخة بالهواء انكشف زيفها، واضمحل بريقها بعد تجارب مريرة التي حاولت مخالفة الفطرة، مخالفة النفس الإنسانية السوية التي لا تحارب الدين، ولا تحارب الملكية الفردية، فمنذ تأسيس هذه الدولة الشيوعية وهي تنقل الناس من سيء إلى أسوأ، ومن طبقات متآلفة إلى طبقات متصارعة، ومن فقر وغنى، وفقير وغني إلى فقر مدقع.
وهكذا ثبت بالتجربة العملية أنه لا حل إلا في الإسلام والشريعة الإسلامية.
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.