رأينا أن النظرية الداروينية الكاذبة أفادت أن الإنسان حيوان، يعود إلى نسل القردة ثم تطور بفعل المادة إلى أن أصبح إنسانا، ومع هذا الهبوط للإنسان في نظرية "داروين" إلا أن الملاحدة لم يكتفوا بذلك، بل أضافوا له دفعات إلى الأسفل في الهبوط، فاعتبروا فكر الإنسان الذي يميزه عن سائر الحيوانات جعلوه ناتجًا عن المادة المحضة لا قيمة له، جسم مادي نعم كثيرة الله -سبحانه وتعالى- أوجدها فيه، ولكن هذه النعم حدث للإنسان منها تشريف عظيم أخرجه تمامًا عن صفته المادية، وهذا التشريف هو نفخ الله فيه الروح فصار عظيمًا، وهذا التشريف أن الله سبحانه وتعالى جعله أفضل المخلوقات، لكن الملاحدة تناقضوا فميزوا بين مادة ومادة وقالوا: إن الإنسان أفضل المخلوقات أيضًا، فكيف ساغ لهم أن يقولوا: إن الإنسان هو سيد هذا الكون ما دام الإنسان مخلوقا بفعل المادة؟! تضاربت أفكار الملاحدة دون أي اكتراث منهم بذلك.
التفسير المادي للقيم الإنسانية:
طالما قرر الملاحدة أن الإنسان مادة فقد أصبح مفهوم القيم من الأمور التي لا قيمة لها، إذ إن المادة لا تتصف بأي قيمة روحية أو نفسية أو خلقية، وهذا هو الواقع الذي قرروه، فالقيم عندهم كلها ليس لها صفة ثابتة وإنما هي انعكاس للأحوال الاقتصادية، وهذا التفسير المادي للقيم يظهر فيه ما يلي: