تاريخ الأصولية الإنجيلية -والبعض يسميها الصهيونية المسيحية-:
ترجع بذور هذه الأصولية إلى فكر وعقائد طرحتها حركة الإصلاح الديني البروتستانتي في القرن السادس عشر، في عدد من الدول الأنجلوسكسونية، حيث رأت هذه الحركة أن التوراة هي كلمة الله المعصومة، ورأت في النبوءات والأساطير التوراتية قانونا وتاريخا، وجعلت من مجمل العهد القديم مرشدا لحياة الناس الدينية والزمنية بما فيها الأدبية والثقافية والفنية، وتحول العديد من البروتستانت في القرن السابع عشر إلى اليهودية، واعتبرت حركة الإصلاح الديني بمنزلة بعث يهودي، وبخاصة بعدما ركزت اهتمامها وأولوياتها على ما يعرف بالتوراة، وهي سجل لتاريخ أنبياء بني إسرائيل وملوكهم وقادتهم وعباداتهم وأشعارهم والأساطير التي حيكت حولهم وتقاليدهم.
ولعل هذا التحول الديني كان من أبرز التحولات في تاريخ الأفكار والعقائد التي عرفتها البشرية عقب انتهاء القرون الوسطى، فأوربا كانت في حالة عداء نفسي وعملي لليهود قبل ولادة حركة الإصلاح الديني، وتأسست فيها عقيدة ضد اليهود تؤدي مباشرة إلى إيذاء اليهودي بدنيًّا، على اعتبار أن اليهود رفضوا رسالة المسيح -عليه السلام- وأن أجيالًا يهودية توالت بعد ذلك على المنهج نفسه، ومن ثم يجب أن يعاقبوا على جريمة ما يسمى بصلب المسيح.
وكانت أوربا قد شهدت خلال القرن الثاني عشر عمليات ذبح جماعية لليهود في فرنسا وانجلترا وألمانيا، وبخاصة في مطلع تسيير الحملات الصليبية إلى