أولًا: أن الاشتراكية على اختلاف مذاهبها حرب على غريزة التملك، ولا سبيل فيها لتنمية المواهب والاستفادة من العناصر المنتجة في الأمة، فالدافع الذي يدفع العامل إلى العمل دافع لا يمتُّ إلى نفسه بسبب؛ لأنه مهما أنتج وكدَّ فلا ينال من إنتاجه وكده إلا القدر الضئيل الذي يأخذه غيره، فقد حاولت المذاهب الاشتراكية ولا تزال تحاول أن تفلسف الاشتراكية فلسفة يقتنع فيها الناس بأن أموال الدولة أموالهم، حتى يعملوا بالإخلاص الذي يعمل به المرء في ماله الخاص، لا شك أن هذا خيالي يتنافى مع الإحساس الفطري، ولا يقبل المرء إلا ما يتفق مع فطرته.
ثانيًّا: أثبت الواقع التاريخي أيضًا أن سوق الإنتاج التاريخي سوق كاسبه، حيث لا يتوفر الإخلاص في العمل، ولا تتهيأ عوامل الإجادة فيه، فأي حافز يحفز الإنسان الذي يعيش في مجتمع اشتراكي ببذل الجهد وإتقان الصنعة ما دام الغنم لغيره، وأكبر شاهد عملي على ذلك ما نراه من فارق بين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية حين كانتا دولتان، فهما شعب واحد ينحدر من أرومة واحدة، وكلاهما من الجنس الجرماني، ولا مجال لدعوى تمايز فريق عن الآخر في المواهب، وهذه ألمانيا الغربية لم تمضِ عليها سوى سنوات عديدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بالتقسيم حتى غمرت الأسواق العالمية بمنتجاتها الصناعية، وأقرضت من خزينتها أكثر الدول المتخلفة، وساعدتها في مشاريعها العمرانية في الوقت الذي لا نكاد نسمع فيه شيئًا عن ألمانيا الشرقية، أو نرى أثرًا عن منتجاتها، إذا عدمت الفوارق