الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
الاشتراكية:
فالاشتراكية لفظ من الألفاظ العامة الفضفاضة التي تنطبق على مفاهيم ذوات مستويات مختلفة متفاوتة، ففيها مذاهب مختلفة: منها المعتدل، ومنها المغالي، ومنها الوطني، ومنها الأممي؛ فالاشتراكية في بعض حدودها الدنيا وضمن مفهوم عام قد تلتقي مع أحكام الإسلام في نظامه المالي أو الاقتصادي، مثل اشتراك الناس في الماء العام، وفي الهواء، وفي الكلأ النابت في الأراضي العامة، ويُسمى الكلأ المباح عند الفقهاء، ومثل النفقة الواجبة في نظام الأسرة الإسلامي، ومثل الزكاة المفروضة في الشريعة الإسلامية لصالح الفقراء والمساكين، وبقية الأصناف الثمانية المذكورة في آية سورة "التوبة": {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(التوبة: ٦٠).
ومثل تدخل الدولة لحماية العمال والكادحين في حصولهم على الأجور العادلة دون ظلم ولا شطط، ومثل تهيئة فرص العمل لكل قادر عليه ونحو ذلك، كل هذا مما تشترك فيه الاشتراكية مع أحكام الإسلام في حدودها الدنيا، ويوسع بعض الاشتراكيين من مفهوم الاشتراكية حتى تتناول تأميم المصانع الكبرى، ولو بالمصادرة الظالمة، وبالاستيلاء دون تعويض مكافئ لحقوق أصحابها، وهذا مخالف للإسلام.
ويوسع اشتراكيون آخرون هذا المفهوم حتى تتناول الاشتراكية تأميم المصانع الكبرى ولو بالمصادرة الظالمة، وحتى تتناول مصادرة الأراضي وتوزيعها في صورة ظالمة جائرة وفاسدة مفسدة، وهذا مخالف لأحكام الإسلام.