تحرم الجماهير من الثقافة والعلم، ولكن إذا لم يصبح العمل بالنسبة للإنسان حاجة طبيعية كحاجته إلى التنفس والمشي، فإن أحسن وسيلة لتشجيع التقدم وتخصص العمال هي أن ينال كل فرد حسب نوع العمل الذي يؤديه.
ولهذا تصبح وعود الرأسمالية الخلابة التي تريد أن تقنع العمال بأنها تستطيع رفع معيشتهم إذا أحسنوا نوعية عملهم حقيقة في الاشتراكية بسبب زوال الاستغلال، ولكن الفرد في الاشتراكية لا يأخذ نتيجة عمله كاملًا، وذلك لأجل الاحتفاظ بقسط منها لتغطية مصاريف الإدارة والمستوصفات وغيرها؛ ففي المجتمع الاشتراكي يعطى كل فرد حسب عمله بصورة غير متساوية بين الأفراد بعد أن يؤمن لكل فرد أسباب معيشته.
إذًا هم يقولون: إن الاشتراكية تختلف عن الشيوعية، ولكن ما معنى هذا التفريق؟ إذا عرفنا أن "كارل ماركس" هو الذي أنشأها وهو الذي سماها أيضًا الاشتراكية، ويسميها الاشتراكية العلمية؛ حيث يميزها عن نوع من الاشتراكية الخيالية، التي أنشأها في القدم سان سيمون ولويس ورفاقهما، والتي لم يرتضها كارل ماركس؛ حيث اعتبر اشتراكيته مرحلة حتمية لا تقبل الرفض، لأنها في نظرة نتيجة مضادة للرأسمالية التي تنبأ بأنها ستنتهي، وتحل اشتراكيته محلها. ويرى ماركس أن الدول الكثيرة مثل بريطانيا وغيرها ستعود حتمًا إلى الأخذ باشتراكيته، وستموت الأنظمة الرأسمالية في هذه الدول فكانت النتيجة على حد قول الشاعر:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا
أبشر بطول سلامة يا مربع
وقد احتضرت الاشتراكية في الشرق في الوقت الذي انتعشت فيه الرأسمالية في الغرب، كذلك ظن ماركس ورفاقه الأغبياء.