أحد هذه الاعتبارات: أنه خرافه، ونحن الآن في عصر العلم، فقد كان الباعث على الدين في نظرهم هو جهل الإنسان بالطبيعة من حوله، وعجزه عن السيطرة عليها، فتخيل هذا الإنسان وجود قوى خفية تسيطر على هذا الكون، وتجري الأحداث فيه؛ وراح يسترضي هذه القوى ليدفع أذاها عنه، فتقرب إليها بالشعائر التعبدية بتقديم القرابين، ولما كانت البشرية اليوم قد شبت عن الطوق وتعلمت من العلم ما تعرف به قوانين الطبيعة تسيطر به على البيئة؛ فقد آن أن تتخلص من هذه الخرافة غير اللائقة بالإنسان المتعلم.
والاعتبار الثاني: عند الشيوعية لإلغاء الدين أن الدين كان ناشئًا من طبيعة الوضع المادي والاقتصادي في العهد الزراعي؛ حيث كان الدين هو جزء من عملية الإنتاج خارجًا عن سيطرة الإنسان، فتخيل وجود قوة غيبية من الإنسان ينسب إليها الهيمنة على ذلك الجزء الخارج عن سيطرته، ويروح ليتعبدها ليجتلب رضاها، ويصرف أذاها وغضبها عنه، وسمى هذه القوة التي تخيلها الله.
والآن -كما يرى الشيوعيون- تغير الوضع المادي والاقتصادي، وأصبحت عملية الإنتاج كلها منظورة، وكلها تحت سيطرة العامل الذي يقوم بالإنتاج؛ فلم تعد هناك حاجة لافتراض تلك القوة الغيبية التي أصبحت الآن غير ذات موضوع.
أما الاعتبار الثالث -في نظر الاشتراكية بإنكار الأديان وإلغائها-: فهو أن الدين يخالف معتقدهم القائم في نظرهم على أسس علمية -كما يزعمون، والعلم منهم براء كما قلنا، وهذا الأساس هو أن المادة هي الأصل، وأن المادة -كما قلنا- سابقة في الوجود على الفكر؛ لأن الدين يخالف هذا المعتقد؛ إذ إن الدين يقوم على أساس أن المادة مخلوقة، وبالتالي فالمادة ليست هي الأصل وليست