يعطى لرجل عاطل عالة على المجتمع ليس له في تحصيله أدنى يد، هذا إن أعطيه، ولكن من نظر إلى سيرة هؤلاء الاشتراكيين وجد أن هذين الصنوين إنما يعطون الشعب النذر القليل، والباقي يصرفونه في الدعاية لأنفسهم، وبث العيون والدسائس، وتقوية الدفاع الذي لا يُقصد به إلا حماية سلطانهم، وسيطرتهم على الشعوب ومقدراتها، والله من ورائهم محيط.
وتأملوا قوله تعالى:{وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} تجد أنه حرم أكل الأموال سواء أكان ذلك مباشرة وصراحة من النهب والسرقة، أم كان ذلك بواسطة الحكام وسلطتهم، حتى ولو على وجه ظاهره الحق كما يدل عليه.
الوجه الرابع من أوجه بطلان الاشتراكية: قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض؛ فأقضي بنحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار)) أخرجه البخاري ورواه الجماعة من حديث أم سلمة -رضي الله عنها، فإن الخصمين إذا أدلى كل واحد بحجته وكان أحدهم أفصح وأغلب في ظاهر كلامه قُضي له بحسب ظاهر كلامه. سُلط على ما يدعيه على خصمه، ولكن هذا القضاء والتسليط إن كان من قبل الحاكم لا يبيح له أخذ ما يدعيه إذا كان يعلم أنه لا حق له فيه.
في هذه الآية والحديث دليل على أنه لا يجوز للشعب أن يستبيح مال الغير بحجة أن الحكومة أباحته له، بل يجب عليه أن ينكر هذا الحكم، وأن يراقب الله تعالى، وأن يكون أمر الله شرعه أعظم في قلبه من كل أمر من كل تشريع وقانون، وليعلم أنه إذا عظم أمر الله وقام بوجه من خالفه طلبًا لمرضاه الله