متلاحق طول الوقت، مما ينتج عنه ما يسمونه التناقض في الطبيعة، وهذا التناقض هو الذي ينتج عن تطور الحوادث وتفاعلها فيما بينها، لينتج من التناقض بين القديم والجديد وبين ما ينوط وما يولد وبين ما يفنى وما يتطور، ينتج مصادر تطورية جديدة مختلفة، بمعنى أنه يحدث الشيء حتمًا ثم يحدث ما يضاده لتأتي النتيجة الحتمية الصحيحة، ومن هنا تؤيد الشيوعية التصادم والتضاد بين الأمور لتصل إلى النتيجة من وراء كل تضارب وتصادم.
وكل ذلك إنما هو هوس فكري وتخبط مقيت، وصدق الله -عز وجل- إذ يقول في كتابه الكريم:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(النور: ٣٩). وكل هذه الافتراضات التي يفترضها الماديون إنما يريدون من ورائها أن تحل المادة محل الإله سبحانه وتعالى، وتصريفه الأمور حسب مشيئته وقدرته، وتلك التعليلات العقيمة بوجود الأمور بعد أن لم تكن إنما هو لصرف الذهن عن قدرة الخالق على الإنشاء والإيجاد، وإلا فأي منطق يقتنع بأن الأمور تتطور لمصلحة الإنسان أو لمضرته من تلقاء نفسها، لتنتج أمورًا لا بد منها بزعمهم لتستقيم الحياة ويبقى الكون؟! لقد حاول الماديون -وهم ينكرون موجد هذا الكون- أن يلفقوا شبهات كثيرة ليدللوا بها على إلحادهم، ولكن ما من شبهة من شبههم إلا وهي تصفع وجوههم وتكسر قلوبهم وتقول لهم: معاذ الله أن أكون دليلًا على عدم وجود الذي أوجدني.
فما أن يجدوا أدنى شبهة يكتشفونها إلا ويطيروا بها فرحًا، ويزعموا أن كل ما اكتشفوه يدل على عدم وجود موجد حقيقي لهذا الكون غير المادة وطبيعة المادة الحتمية بزعمهم، وكم حملوا هذه المادة التي تعادل في تصرفاتها عند الملاحدة