أما القسم الأول -وهو أسرة الجيل كما تصوروها- فيزعمون أن العلاقات الجنسية كانت مباحة فيها بين أبناء الجيل الواحد، بين الإخوة والأخوات ومحرمة فيما دون ذلك، أي بين جيل الآباء وجيل الأبناء، ثم حدث تطور جديد فحرمت فيه العلاقة الجنسية بين الإخوة والأخوات بطريقة تدريجية، أما أسرة الشركاء فكانت العلاقات الجنسية فيها مباحة للجميع في شراكة تامة، بحيث أصبح الولد لا يعرف له أبًا، ومن هذه الأسرة انبثقت أسرة العشيرة. أما الأسرة الزوجية فقد عرفت بمباشرة الرجل لزوجة واحدة في رباط زوجي، وأما الأسرة الوحدانية فهي الأسرة التي تقوم على سيطرة الرجل، ولا شك أن هذا التقسيم وهذا التنظيم إنما هو محض خيال وافتراء، ومن العجيب أنهم يعترفون أن الناس في ذلك الزمن ما كانوا يعرفون الحضارة ولا التقدم ولا القراءة ولا الكتابة، فمن أين لهم هذه السجلات التي استقوا منها هذه المعلومات الموغلة في القدم {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(النمل: ٦٤).
والإنسان في مفهومهم مرة يجعلونه بدائيًّا تافهًا بل حشرة من الحشرات، ومرة يجعلونه أساس التطور حينما يعيش على نظام كل شيء مشاع، ولهذا فهم يريدون أن يرجعوا الناس إلى تلك الحال التي يعبرون عنها بالحال السعيدة للمجتمع البشري، والباطل لابد وأن يتناقض أهله فيه. لقد داس الملاحدة على كل القيم إذ لا وجود لها عندهم، إلا من خلال ما تمر عليه الظروف