كثير من الحقائق التي لا يصل العقل إلى معرفتها، لا عن طريق البحث ولا عن طريق التجارب، فكيف ساغ لهم الإيمان بأن لبعض الحقائق المشاهدة حقائق باطنية عجز العلم عن معرفتها، بينما ينفون وجود الإله وحقيقة الدين؛ بحجة أن الدين قائم على أمور لا تدرك حقيقتها الباطنية عن طريق البحث والتجربة؟! هذا تناقض واضح وتفريق بلا مستند!.
الشبهة الثانية: قضية الارتقاء: أي ارتقاء المخلوقات وتطورها في خلقها تلقائيًا، وهذه القضية رغم وضوحها في الدلالة على وجود الله تعالى وقدرته ومشيئته ورحمته بخلقه، إلا أنهم نظروا لها من جانب آخر بعيد عن الفهم السليم والعقل المستقيم، فزعموا أن أنواع الحياة قد وجدت نتيجة لعمل الارتقاء، لافتراضهم أنه على فرض وجود خالق لهذه الحياة بزعمهم، فلا يمكن أن يخلقهم على هذا الترتيب من الصغر إلى الكبر في الإنسان والنبات، بل يخلقه دفعة واحدة كل صنف في كمال شكله بدون ترتيب، يخضعها لعمل تطوري طويل الأمد حسب زعمهم، وأن المخلوقات تطورت بنفسها بفعل المادة، وأنها تولدت عن بعضها للتشابه بينها، وأن بقاءها يعود إلى قدرتها على التكيف مع الظروف التي تحيط بها.
والواقع أنه ما من مؤمن بالله -عز وجل- إلا ويعلم أن وجود الخلق -على هذه الحالة- إنما يعود إلى مشيئة الله وقدرته، ولتنتظم الحياة على سنة واحدة، ولن تجد لسنة الله تبديلًا، وأن ما يزعمونه من تطور المخلوقات بنفسها بفعل المادة إن هو إلا خرافات سخفية، ولو كان ذلك صحيحًا لأدى ذلك التطور إلى أن تصبح الذرة جملًا أو فيلًا ضخمًا، فما الذي يمنعها وقانون التطور يجيز لها ذلك؟! قد مرت ملايين السنين ولا تزال الذرة هي الذرة ولا يزال الجمل هو الجمل، والإنسان هو