شكل لحركة المادة وخاضع في تطوره لقوانين موضوعية، كقوانين الطبيعة المادية والديالكتيكية، فالديالكتيكية غير ممكنة بدون المادية التاريخية.
وثانيًا: لأن الإجابة الصحيحة عن المسألة الأساسية في الفلسفة تدور حول أولوية المادة وثانوية الوعد، والإجابة على هذه المسألة غير ممكنة بدورها بدون توضيح سبب وكيفية ظهور الوعي الإنساني، والدور الذي لعبه في ذلك التطبيق العملي الاجتماعي التاريخي للناس؛ إذ إن هذه الإجابة على هذا السؤال تقدمها المادية التاريخية".
وجاء في نفس الكتاب أيضًا: "إن تحريف المادية الديالكتيكية يؤدي حتما إلى تشويه المادية التاريخية، فالمادية التاريخية لا تتوافق مع أية فلسفة أخرى غير المادية الديالكتيكية، إن الاعتراف بالمادية التاريخية مع نكران المادية الديالكتيكية ليس إلا زيفا خالصًا سفسطة مقززة هكذا يقولون".
وربما يحق لنا أن نبدأ الحديث عن المادية التاريخية من نقطة صلتها بالداروينية ونظرية التطور؛ لأن ذلك قد يلقي الضوء على بعض مفاهيمها، ولا يهمنا هنا أن نتعرض لتفصيلات نظرية "داروين" بقدر ما يهمنا أن نتعرض لإيحاءات هذه النظرية وأثرها على التفسير المادي للتاريخ.
وتتلخص نظرية "داروين" في التطور بما يلي، فهو يقول: إن الحياة ظهرت أول ما ظهرت على شكل بروتوبلازم الذي هو أصل الحياة في النبات وفي الحيوان، وبعد ذلك ظهر الحيوان الدودي ومنه الرخويات كالحلازيم ثم تطورت الشوكيات كنجوم البحر ثم القشريات كالسراطين، ثم ظهرت صور جديدة من الحيوان هي عشائر ذوات صفات مستحدثة، دل وجودها على وقوع انقلاب خطير في سير الحياة، وأصبح لهذه الصورة الجديدة حبل متين يمتد طوال الجسم، تدرج بواسطة