السياسي بين اليهود، وعادوا إلى تعاليم التوراة والتلمود لديهم، وأنشئت المعاهد والمدارس الخاصة الخفية لتدريس التعاليم التوراتية، والعودة إلى التمسك باليهودية، والعيش أينما كانوا مع التمسك بهذه التعاليم مهما كانت التكاليف والتضحيات، حتى لو تضمنت تقديم النفس والمال مع توجيه غير اليهود لخدمة مصالح اليهود.
ويلاحظ في هذه الخيارات الستة التباين الكبير حيث لا يحتكم اليهود لمبدأ أساسي عام، ولكن فلسفتهم متأثرة حتمًا بالتجارب الشنيعة التي مروها بها خلال حقبات التاريخ هذه التجارب التي تحتوي على كمٍّ هائل من المتناقضات.
فرغم المعاناة التي تظهر جلية في عقيدة اليهود، فإن الحقد والكراهية وبغض أي شيء أصبح ملازمًا للتفكير اليهودي، وبهذا لم يجد اليهود أي متنفس أو طريقة في تفريغ هذه الأحقاد عبر الكراهية إلى حد أن اليهودي أحيانًا يكره ذاته، وبني جنسه، ولكنه يستدرك ويعود إلى حنينه إذا تذكر دينه، وما كتاب التلمود إلا تعبير عن معاناة اليهود، وتعبير عن تضارب أفكارهم.
وكذلك في هذه الخيارات الستة تبين أن الصهيونية هي حركة الشعب اليهودي في طريقه إلى فلسطين، وأن العودة إلى فلسطين في رأيهم يجب أن تسبقها عودة الشعب اليهودي إلى اليهودية، وأن الصهيونية لا تتركز، ولا يمكن تحديدها في تعريف أو وصف ذي قالب واحد، فهي مبدأ متغير حسب مصلحة معتنقيه، وبدون إطار ثابت، وجميع هذه التعاريف تدور حول الموضوع ذاته، وهو الشخصية اليهودية المتميزة عن باقي شخصيات شعوب العالم، ووضع الشعب اليهودي في مقدمة الشعوب، على الرغم من أن اليهودية دين لا يشكل شعبًا إلا أن اليهود يطلقون على أنفسهم الشعب اليهودي.