والثاني: هو انشغال الدولة العثمانية بحرب جزيرة كريت، وكان السلطان حينذاك هو السلطان محمد الرابع، ورئيس الوزراء هو -أو الصدر الأعظم كما يسمونه- هو فاضل أحمد باشا، غير أن بعض أركان الدولة حين رأوا أن أمر "سباتاي زئيفي" قد بدأ يتجاوز اليهود إلى غيرهم من الطوائف وفئات الشعب الأخرى، وأن الأمر الجديد الطارئ يشكل خطورة على الوضع الداخلي للدولة تنبهوا ونبهوا، وعرض قاضي أزمير على رئيس الوزراء ضرورة اعتقال "سباتاي زئيفي"؛ للحد من نشاطه وتقليم أظافره وحسم دعوته، فصدر الأمر بإلقاء القبض عليه واقتيد عن طريق البحر إلى العاصمة.
في التحقيق أنكر "سباتاي زئيفي" كل ما أسند ونسب إليه من تهم، وهذا ما كان متوقعًا، فماذا كان ينتظر من منافق عليم اللسان مثل "سباتاي"، لكن الوقائع كانت دامغة فنال قسطًا من العذاب وأرسل إلى سجن زندان قابي، غير أن وفود الأتباع والأنصار والمريدين أخذت تؤم السجن للزيارة المسموح بها، فغصت بهم الأماكن وبدت إدارة السجن قاصرة عن استقبال الجموع، فشكت ذلك إلى السلطات العليا التي أمرت بنقله -أي "سباتاي زئيفي"- إلى سجن آخر هو شنق قلعة، وحيث ظهرت سارة من قبل في بولندا برؤياها المزعومة وصدقها الناس، خرج يهودي أو أفاق آخر جديد يدعى ناحيم كوهين، وكان حاخاما ذكيًّا مطلعًا هو الآخر ليزعم أنه هو الآخر المخلص المنتظر، وبأن الكتب المقدسة تبشر وتنبئ بمسيحيين لا بمسيح واحد، وقصد من ثم إلى معتقل "سباتاي" في شنق قلعة، وقابله وناقشه واختصم معه ثم عاد إلى قواعده ينفث سمومه ويبشر بدعوته.
وكما كانت الوفود تأتي من قبل إلى زندان قابي -المعتقل الأول لـ"سباتاي"- أخذت من جديد تترى وتتتابع إلى شنق قلعة، وكان حراس السجن يغضون