ولهذا يمتحنونه بأشياء كانوا يعلمون أنه لا يخبر بها إلا نبي أو من قد أخذ عنه، وهم يعلمون أنه لم يأخذ عن أحد البتة، ولو كان ذلك لوجد أعداؤه السبيل إلى الطعن عليه ومعارضته بمثل ما جاء به، إذ من الممكن أن لو كان ما جاء به مأخوذا عن بشر أن يأخذوا هم عن ذلك البشر أو عن نظيره، فيعارضوا ما جاء به.
وسيأتي مزيد لهذا المعنى فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.
والمقصود أنه لما طابق الكتب المتقدمة وصدقها وشهد بصحة ما أنزل الله فيها من غير مواطأة ولا اقتباس منها، دل على أن الذي جاء به رسول صادق، كما أن الذي جاء به كذلك، وأن مخرجها من مشكاة واحدة.
كما قال النجاشي - ملك الحبشة وأحد علماء النصارى - حين قرئ عليه القرآن:" هذا والذي جاء به موسى يخرج من مشكاة واحدة "، يعني فإذا كان موسى صادقا وكتابه حقا فهذا كذلك.