وكما وجب أن يكون إشراقه من ساعير إنزاله الإنجيل على عيسى -عليه السلام-، فكذلك يجب أن يكون استعلانه من فاران بإنزاله القرآن على محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي جبال مكة.
وليس بين المسلمين وأهل الكتاب اختلاف أن فاران هي مكة، وإن ادعى مدع أنها غير مكة. قلنا: أليس في التوراة أن الله أسكن هاجر وإسماعيل فاران، وقلنا: دلونا على الموضع الذي استعلن الله منه، واسمه فاران، والنبي الذي أنزل عليه كتابا بعد المسيح -عليه السلام-! ".
قال شيخ الإسلام أبو العباس:
وهذه الكتب نور الله، وهداه، ففي الأول جاء، والثاني أشرق والثالث استعلن، فمجيء التوراة كطلوع الفجر، والإنجيل مثل إشراق الشمس، والقرآن بمنزلة ظهور الشمس في السماء، فظهر به نور الله في المشارق والمغارب أعظم مما ظهر بالكتابين، ولهذا سماه الله تعالى سراجا منيرا، وسمى الشمس سراجا وهاجا، والخلق محتاجون إلى الأول أعظم من الثاني.
وهذه الثلاثة أقسم الله بها في قوله:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} .