وقالت الملكية: الاتحاد هو الاثنين صارا واحدا، وصارت الكثرة قلة.
فزعم بعض الناس أن الذين قالوا: هو المسيح ابن مريم هم الذين قالوا: اتحدا حتى صارا شيئا واحدا، والذين قالوا: هما جوهر واحد له طبيعتان يقولون: هو وولده بمنزلة الشعاع المتولد عن الشمس، والذين قالوا: بجوهرين وطبيعتين وأقنومين مع الرب قالوا: ثالث ثلاثة.
وهذا الذي قاله هؤلاء ليس بشيء، فإن الله أخبر أن النصارى يقولون: إنه ثالث ثلاثة، وأنهم يقولون: إنه الله، وأنهم يقولون: إنه ابن الله. وقال لهم: لا تقولوا ثلاثة.
مع إخباره أن النصارى افترقوا، وألقى بينهم العداوة والبغضاء بقوله:{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} .
وقد ذكر هذا إخبارا بتفرقهم إلى هذه الأصناف الثلاثة وغير ذلك.
وقد أخبر -سبحانه- عقب قولهم: ثالث ثلاثة بما يقتضي أن هؤلاء اتخذوا له ولدا، فقال:{وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} .