للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر - أيضا - ما يقتضي أن قولهم: إن الله هو المسيح ابن مريم من الشرك، فقال -تعالى-: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} .

فهذا يقتضي أن هذا القول من الشرك، وذلك لأنهم مع قولهم: إن الله هو المسيح ابن مريم لا يخصونه بالمسيح، بل يثبتون أن له موجدا وهو الأب، وليس هو الكلمة التي في المسيح، فعبادتهم إياه معه إشراك، وذلك مضموم إلى قولهم: إنه ولده.

وقد نزه الله -تعالى- نفسه عن هذا وهذا في غير موضع من القرآن، كما قال -تعالى- {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} .

وأيضا فهذه الأقوال لا تنطبق على ما ذكر فإن الذين يقولون: إنهما اتحدوا وصارا شيئا واحدا يقولون أيضا: إنما اتحد به الكلمة التي هي الابن. والذين يقولون: هما جوهر واحد له طبيعتان يقولون: إن المسيح إله وأنه الله، والذين يقولون: إنه حل فيه يقولون: حلت فيه الكلمة التي هي الابن وهي الله -أيضا- بوجه آخر كما سنذكره.

وأيضا فقولهم: ثالث ثلاثة ليس المراد به الله، واللاهوت الذي في

<<  <  ج: ص:  >  >>