المسيح هو الله، ويقولون: هو ابن الله، ويقولون: إن الله ثالث ثلاثة، حيث اتخذوا المسيح وأمه إلهين من دون الله، هذا بالاتحاد، وهذا بالحلول.
ويبين بذلك إثبات ثلاثة آلهة منفصلة غير الأقانيم، وذلك يتضمن جميع كفر النصارى، وذلك أنهم يقولون: الإله جوهر واحد له ثلاثة أقانيم.
وهذه الأقانيم يجعلونها تارة جواهر وأشخاصا وتارة صفات وخواص، فيقولون: الوجود الذي هو الآب، والابن الذي هو العلم، وروح القدس التي هي الحياة عند متقدميهم، والقدرة عند متأخريهم. لكن يقولون - أيضا -: إن الوجود الذي هو الآب جوهر، والكلمة التي هي الابن جوهر، وروح القدس - أيضا - جوهر، وأن المتحد بالمسيح هو جوهر الكلمة دون جوهر الأب وروح القدس، وهذا مما لا نزاع بينهم فيه.
قلت: وبيان هذا الاعتقاد بعبارة أخرى من كرم بعض المحققين أن النصارى اعتقدوا أن معبودهم جوهر - أي: أصل للأقانيم -، وذلك أن له عندهم ثلاثة أقانيم:
أقنوم الوجود، ويعبرون عنه بالآب.
وأقنوم العلم، ويعبرون عنه بالابن والكلمة.
وأقنوم الحياة، ويعبرون عنه بالروح القدس.
ثم قالوا: مجموع الثلاثة إله واحد.
والأقنوم: كلمة يونانية، والمراد بها في تلك اللغة أصل الشيء، ويعني بها النصارى: الأصل الذي كانت عليه حقيقة إلههم.