قلت: ونظير هذا المثل ما قاله بعضهم: إنك إذا فرضت مثلثا متساوي الأضلاع، كانت الأضلاع ثلاثة والمثلث واحد، وكان للمثلث الواحد ثلاثة أضلاع.
وهذا من نمط ما قبله في الفساد، وذلك أن كل واحد من الأضلاع على انفراده ليس هو المثلث المفروض، بل إن اعتبرت الأضلاع الثلاثة شيئا واحدا انتفى التثليث، لأن الواحد لا يكون ثلاثة، وإن اعتبر أحد الأضلاع على انفراد انتفت الوحدة، فالجمع بينهما جمع بين النقيضين. والله أعلم.
قال: والنصارى يثبتون هذا المثلث في الأقانيم مع قولهم: إن المتحد هو الواحد، فيجعلون المسيح هو الله، لأنهم يقولون الموصوف اتحد به، ويجعلون المسيح هو ابن الله، لأنهم يقولون: إنما اتحد به الجوهر الذي هو الكلمة، أو إنما اتحد به الكلمة دون الآب الذي هو الوجود، ودون روح القدس، وهما -أيضا- جوهران.
فقد تبين أن قول النصارى بهذا وبهذا جمع بين النقيضين، وهو من أفسد شيء في بداية العقول وكل منهما كفر، كما كفرهم الله.
وأما قولهم:" ثالث ثلاثة " فإنهم مع ذلك يعبدون الأم التي هي والدة الإله عندهم، وهذا كفر آخر مستقل بنفسه غير تثليث الأقانيم والاتحاد بالمسيح. فالقرآن يتناول جميع أصناف كفرهم في هذا الباب تناولا تاما. انتهى.