المتحد بالمسيح بعض هذه الصفات، وهم لا يقولون ذلك - أيضا -، بل هم متفقون على أن المتحد به جوهر قائم لنفسه: فإن لم يكن جوهرا إلا جوهر الآب كان جوهر الآب هو المتحد، وإن كان جوهر الابن غيره فهما جوهران منفصلان، وهم لا يقولون بذلك.
والموصوف -أيضا- لا يفارق صفاته كما لا تفارقه فلا يمكن أن يقال: اتحد الجوهر بالمسيح بأقنوم العلم دون الحياة، إذ العلم والحياة لا زمان للذات لا يتصور أن تفارقهما الذات، ولا أن يفارقها واحد منهما، ومن هنا قيل: النصارى غلطوا في أول مسألة من الحساب الذي يعلمه كل أحد، وهو قولهم: الواحد ثلاثة.
وأما قول بعضهم:" أحدي الذات ثلاثي الصفات " فهم لا يكتفون بذلك كما تقدم، بل يقولون: الثلاثة جواهر، والمتحد بالمسيح واحد منها دون الآخر.
وبهذا يتبين أن كل من أراد أن يذكر قولهم على وجه يعقل فقد قال الباطل كقول المتكايسين منهم: هذا كما تقول: زيد الطبيب، وزيد الحاسب، وزيد الكاتب، فهم ثلاثة رجال باعتبار الصفات، وهم رجل واحد باعتبار الذات. فإنه يقال: من يقول هذا لا يقول بأن زيدا الطبيب فعل كذا أو اتحد بكذا، أو حل به دون زيد الحاسب والكاتب، بل أي شيء فعله أو وصف به زيد الطبيب في هذا المثال فهو الموصوف به زيد الحاسب الكاتب.