للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهما السلام - شرحا جليا متضمنا لأنواع من الأدلة على بطلان قول النصارى بما لا يتسع هذا المختصر لشرحه إلى أن قال -تعالى-: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ، وفي هذه الآية إبطال شبهة النصارى في قولهم: لما لم يكن له أب من البشر وجب أن يكون أبوه هو الله -تعالى -.

فبين -تعالى- أنه خلق آدم من تراب، ولم يكن له أب ولا أم، ولم يلزم من ذلك أن يكون ابنا لله، فكذا القول في عيسى.

وأيضا فلما جاز أن يخلق الله آدم من التراب فلم لا يجوز أن يخلق عيسى من دم مريم؟ بل هذا أقرب إلى العقل، فإن تولد الحيوان من الدم الذي يجتمع في رحم المرأة أقرب من تولده من التراب اليابس.

ولكن الرب - جل جلاله - أراد أن يظهر قدرته لخلقه في تنويع التخليق، فيعلموا أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما.

وبعد أن بين -تعالى- أنواع الأدلة القاطعة في صدر السورة، وأجاب عن شبه النصارى على أكمل الوجوه وأحسنها، وكان من أنصف وطلب الحق علم أن البيان قد بلغ الغاية القصوى لا جرم، قال -تعالى- بعد ذلك -: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>