فيخدعون الألباب، ويذللون الصعاب، لا يشكون أن الكلام طوع مرادهم، والبلاغة ملك قيادهم، قد حووا فنونها، واستنبطوا عيونها.
فما راعهم إلا رسول كريم بكتاب عزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، أحكمت آياته، وفصلت كلماته، وبهرت بلاغته العقول، وظهرت فصاحته على كل مقول. وهم أفسح ما كانوا في هذا الباب مجالا، وأشهر في الخطابة رجالا، صارخا بهم في كل حين، ومقرعا لهم بضعة وعشرين عاما على رؤوس الملأ أجمعين:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .