للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من أبلغ الحجج وأظهرها؛ أي: هذا الكلام ليس من قبلي، ولا من عندي، ولا أقدر أن أفتريه على الله، ولو كان ذلك مقدورا لي لكان مقدورا لمن هو من أهل العلم والكتابة ومخالطة العلماء والتعلم منهم.

ولكن الله بعثني به، ولو شاء - سبحانه - لم ينزله علي، ولم ييسره بلساني، ولا لسان غيري، ولكنه أوحاه إلي، وأذن لي في تلاوته عليكم، ولا أدراكم به بعد أن لم تكونوا دارين به، فلو كان كذبا وافتراء - كما تقولون - لأمكن غيري أن يتلوه عليكم، وتدرون به من جهته؛ لأن الكذب لا يعجز عنه البشر. وأنتم لم تدروا بهذا، ولم تسمعوه إلا مني، ولم تسمعوه من بشر غيري.

ثم أجاب عن سؤال مقدر، وهو أنه تعلمه من غيره، وافتراه من تلقاء نفسه، فقال: ... {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ} ... أي: تعلمون حالي، ولا تخفى عليكم سيرتي ومدخلي ومخرجي وصدقي وأمانتي، وتعلمون أني ما طالعت كتابا، ولا تتلمذت لأستاذ، ولا تعلمت من أحد، ثم بعد انقراض أربعين سنة من عمري جئتكم بهذا الكتاب العظيم المشتمل على العلوم الكثيرة في الأصول والأحكام، ولطائف علم الأخلاق، وأسرار قصص الأولين، وقد عجز عن معارضته الفصحاء والبلغاء والعلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>