للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول له: بأي شيء عرفت نبوته وصدقه؟

فله جوابان:

أحدهما: أن يقول: أبي عرفني ذلك، وأخبرني به.

الثاني: أن يقول: التواتر، وشهادات الأمم حقق ذلك عندي، كما حقق خبرهم وشهادتهم وجود البلاد النائية، والبحار، والأنهارالبعيدة، وإن لم أشاهدها.

فإن اختار الجواب الأول، وقال: إن شهادة أبي وإخباره إياي بنبوة موسى كان سبب تصديقي نبوته.

فيقال له: فلم كان أبوك عندك صادقا، وكلامه معصوما عن الكذب وأنت ترى الكفار يعلمهم آباؤهم ما هو كفر عندك؟ فإذا كنت ترى الأديان الباطلة، والمذاهب الفاسدة قد أخذها أربابها عن آبائهم كأخذك مذهبك عن أبيك، وأنت تعلم أن الذي هم عليه ضلال؛ فيلزمك أن تبحث عما أخذته عن أبيك خوفا أن تكون هذه حاله.

فإن قال: إن الذي أخذته عن أبي أصح من الذي أخذه الناس عن آبائهم، كفاه معارضة غيره له بمثل قوله.

فإن قال: أبي أصدق من آبائهم، وأعرف، وأفضل، عارضه سائر الناس في آبائهم بنظير ذلك.

فإن قال: أنا أعرف حال أبي، ولا أعرف حال غيره.

قيل له: فما يؤمنك أن يكون غير أبيك أصدق من أبيك، وأفضل وأعرف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>