للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبكل حال فإن كان تقليده لأبيه حجة صحيحة كان تقليد غيره لأبيه كذلك.

وإن كان ذلك باطلا كان تقليده لأبيه باطلا.

فإن رجع عن هذا الجواب، واختار الجواب الثاني، وقال: إنما علمت نبوة موسى بالتواتر قرنا بعد قرن، فإنهم أخبروا بظهوره ومعجزاته وآياته وبراهين نبوته، التي تضطر إلى تصديقه.

فيقال له: لا ينفعك هذا الجواب؛ لأنك قد أبطلت ما شهد به التواتر من نبوة المسيح ومحمد، عليهما الصلاة والسلام.

فإن قال: تواتر ظهور موسى ومعجزاته وآياته، ولم يتواتر ذلك في المسيح ومحمد.

قيل: هذا هو اللائق ببهت الأمة الغضبية، فإن الأمم جميعهم قد عرفوا أنهم قوم بهت. وإلا فمن المعلوم أن الناقلين لمعجزات المسيح ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - أضعاف أضعافكم بكثير، والمعجزات التي شاهدها أوائلهم لا تنقص عن المعجزات التي أتى بها موسى - عليه السلام - وقد نقلها عنهم أهل التواتر جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن، وأنت لا تقبل خبر التواتر في ذلك، وترده، فيلزمك ألا تقبله في أمر موسى.

ومن المعلوم بالضروة أن من أثبت شيئا ونفى نظيره فقد تناقض. وإذا اشتهر النبي في عصره، وصحت نبوته في ذلك بالآيات التي ظهرت معه لأهل عصره، ووصل خبره إلى أهل عصر آخر وجب عليهم تصديقه والإيمان به، وموسى والمسيح ومحمد في هذا سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>