وبهذا أجاب هرقل أبا سفيان في حديثه الذي قدمناه، حيث قال له هرقل: كيف الحرب بينكم وبينه؟ قال: سجالا، يدال علينا المرة، وندال عليه الأخرى. فقال هرقل: كذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لها العاقبة. فصار هذا من أعلام الرسل، فهو دليل لنا لا علينا، ولله الحمد والمنة.
فإن قيل: ففي الأنبياء من قتل، كما أخبر الله أن بني إسرائيل يقتلون النبيين بغير حق، وفي أهل الفجور من يؤتي سلطانا، ويسلط على قوم مؤمنين كبخت نصر. أجيب بأن من قتل من الأ نبياء فهو كمن يقتل من المؤمنين في الجهاد، كما قال -تعالى-: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} .
ومعلوم أن حال هؤلاء أكمل من حال من يموت من المؤمنين حتف أنفه. كما قال - تعالى -: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الآية.