للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الدين الذي قاتل عليه الشهيد ينتصر ويظهر، فتكون لطائفته السعادة في الدنيا والآخرة، ومن قتل منهم كان شهيدا.

وهذا غاية ما يكون من النصر، إذ كان الموت لا بد منه، بخلاف من يهلك هو وطائفته فلا يفوز لا هو ولا هم بمطلوبهم، لا في الدنيا ولا في الآخرة.

والشهداء قاتلوا باختيارهم، وفعلوا الأسباب التي بها قتلوا، فهم اختاروا الموت، إما أنهم قصدوه، وإما قصدوا ما به يصيرون شهداء، عالمين بأن لهم السعادة في الآخرة وفي الدنيا بالانتصار لطائفتهم، وبقاء لسان الصدق لهم ثناء ودعاء.

بخلاف غيرهم، فإنهم هلكوا بغير اختيارهم هلاكا لا يرجون معه سعادة الآخرة، ولم يحصل لهم ولا لطائفتهم شيء من سعادة الدنيا، بل أتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين، وقد أخبر الله -تعالى- أن كثيرا من الأنبياء قتل معه ربيون كثير، أى: ألوف كثيرة - كما هو أحد الأقوال في الآية - وأنهم ما استكانوا لما أصابهم، بل استغفروا من ذنوبهم التي كانت سبب ظهور العدو، وأن الله آتاهم ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.

فإذا كان هذا قتل المؤمنين، فما الظن بقتل الأنبياء، ففيه لهم ولأتباعهم من سعادة الدنيا والآخرة ما هو أعظم الفلاح.

الوجه الثالث:

أن في وقوع الهزيمة والكسر على المسلمين في بعض المواطن مصالح عظيمة، وحكما باهرة كثيرة، فمع عناية الله بهم وإرادته

<<  <  ج: ص:  >  >>