ومنها: أن إبقاءهم كذلك من الشواهد والدلائل على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - لأن في الكتب التي بأيديهم ما يدل على أنهم بدلوا، وفيها ما يدل على أن شريعتهم ستنسخ بغيرها، كما قدمنا الإشاره إلى بعض ذلك.
وفيها من صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأدلة نبوته ما قدمنا بعضه. وفيها من التناقض والاختلاف ما يبين - أيضا - وقوع التبديل.
قال شيخ الإسلام أبو العباس:
" وعند أهل الكتاب ما يدل على هذه المطالب، وقد ناظرنا غير واحد منهم، وبينا لهم ذلك، وأسلم من علمائهم وخيارهم طوائف، وصاروا يناظرون أهل دينهم، ويتبينون ما عندهم من الشواهد والدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: وهذا من الحكمة في إبقاء أهل الكتاب بالجزية، إذ عندهم من الشواهد والدلائل على نبوته، وعندهم من الشواهد على ما أخبر به من الإيمان بالله واليوم الآخر ما يبين أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - جاء بالدين الذي بعث الله به الرسل قبله، وأخبر من توحيد الله ومن صفاته بمثل ما أخبرت به الأنبياء قبله.
قال الله - تعالى -: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .