حيث وجدوه، ويكسروه، ويلطخوه بالنجاسة، فإنه قد صلب عليه إلههم ومعبودهم بزعمهم، وأهين عليه وفضح.
فيا للعجب! بأي وجه بعد هذا يستحق الصليب التعظيم لولا أن القوم أضل من الأنعام، فلو عقلوا لكان ينبغي ألا يحملوا صليبا، ولا يمسوه بأيديهم، ولا يذكروه بألسنتهم، وإذا ذكر لهم سدوا مسامعهم من ذكره.
ولقد صدق القائل:" عدو عاقل خير من صديق أحمق "، لأنهم بحمقهم قصدوا تعظيم المسيح، فاجتهدوا في ذمه، وتنقصه، والازدراء به والطعن عليه.
وكان مقصودهم بذلك التشنيع على اليهود، وتنفير الناس عنهم وإغراقهم بهم، فنفروا الأمم عن النصرانية وعن المسيح ودينه أعظم تنفير.
وقد قال بعض عقلائهم:" إن تعظمينا للصليب جار مجرى تعظيم قبور الأنبياء، فإنه كان قبر المسيح إذ هو عليه، ثم لما دفن صار قبره في الأرض ".
وليس وراء هذا الحمق والجهل حمق، فإن السجود إلى قبور الأنبياء وعبادتها شرك، بل من أعظم الشرك. وقد لعن إمام الحنفاء وخاتم الأنبياء اليهود والنصارى، حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.