وأصل الشرك وعبادة الأصنام من العكوف على القبور واتخاذها، ثم يقال: فأنتم تعظمون كل صليب لا تخصون التعظيم بذلك الصليب بعينه.
فإن قلت الصليب من حيث هو يذكر بالصليب الذي صلب عليه إلهنا.
قيل: وكذلك الحفر تذكر بحفرته، فعظموا كل حفرة، واسجدوا لها، لأنها كحفرته - أيضا - بل أولى، لأن خشبة الصليب لم يستقر عليها استقراره في الحفرة.
ثم يقال: اليد التي مسته أولى أن تعظم من الصليب، فعظموا أيدي اليهود لمسهم إياه، وإمساكهم له، ثم انقلوا ذلك التعظيم إلى سائر الأيدي.
فإن قلتم: منع من ذلك مانع العداوة. قلنا: فعندكم أنه هو الذي رضي بذلك واختاره، ولو لم يرض به لم يصلوا إليه.
فعلى هذا فينبغي لكم أن تشكروهم وتحمدوهم، إذ فعلوا موجب رضاه واختياره الذي كان سبب خلاص جميع الأنبياء والمؤمنين والقديسين من الجحيم ومن سجن إبليس.
فما أعظم منة اليهود عليكم وعلى آبائكم وعلى سائر النبيين من لدن آدم إلى زمن المسيح! !.
والمقصود أن هذه الأمة جمعت بين الشرك وعيب الإله وتنقصه، وتنقص نبيهم وعيبه، ومفارقة دينه بالكلية، فلم يتمسكوا بشيء كان عليه المسيح، لا في صلاتهم، ولا صيامهم، ولا أعيادهم. بل هم في