فالدعاوى ما لم يقيموا عليها ... بينات أبناؤها أدعياء
وقد دللنا فيما تقدم على أن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - في نهاية الكمال وتمام المصلحة ومقتضى الحكمة، بما فيه مقنع لذوي الإنصاف، وإن كانت الأدلة على ذلك تفوت الإحصاء، ولا يبلغها الحصر، فإن الحكم والمصالح في شرع الله وأمره لا يحيط بها إلا هو، فما ظهر لنا من ذلك قلنا به، وما لم يظهر لنا وكلناه إلى عالمه.
الوجه الثاني: أن الله - سبحانه - شرع لعباده الشرائع على وفق الحكمة والمصلحة، وخص كل أمة بشريعة اقتضتها حكمته، ولكنه - سبحانه - فضل الشرائع بعضها على بعض، كما فضل الرسل بعضهم على بعض، ورفع بعضهم فوق بعض درجات.
فالكمال حاصل في كل شرع شرعه الله، ولكن حصول الكامل لا يمنع وجود ما هو أكمل منه.
فكمال شريعة موسى وعيسى - عليهما السلام - ليس مانعا من ظهور شرع أكمل منهما.