كما أن فضل السابق في الزمان من الأنبياء والرسل لا يمنع وجود أفضل منه، إذ الكمال في أمر الله وشرعه غير متناه.
وإذا اعتبر ذو البصيرة ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من الهدى ودين الحق، علم أنه جاء بالكمال الذي لم يتقدم نظيره في الشرائع السالفة.
ولا عجب، فإنه الذي جاء به أفضل الخلق وسيد المرسلين وخاتمهم صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
الوجه الثالث: أن دعواه أن شريعة المسيح لا يمكن نسخها دعوى مجردة عن الدليل، وكذب محض على شريعة من جاء بالإنجيل، شبيهة بدعوى اليهود عدم جواز النسخ في الشرائع.
وهذا النصراني قد رد على اليهود في إنكارهم النسخ، فما باله رجع يدعي كدعواهم بغير برهان عقلي ولا دليل شرعي؟.
فقد حجر على الله في شرعه بمجرد هوى النفس {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} .
ثم يقال: أي فرق بين طرو النسخ على شريعة موسى وما قبلها من الشرائع، وبين طروه على شريعة المسيح؟