للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظ مسلم: «إلا بقايا من أهل الكتاب» فكان الدين قد التبس على أهل الأرض كلهم حتى بعث الله رسوله محمدا، خاتم النبيين الذي لا نبي بعده، بل هو المعقب لجميعهم، فهدى الخلائق، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وتركهم على المحجة البيضاء والشريعة الغراء.

ولهذا قال تعالى: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} أي: بشير بالخير ونذير عن الشر {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} يعني: محمدا -صلى الله عليه وسلم- {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

فثبت بمقتضى هذه المقدمة التي قررناها، واعترف الخصم بصحة معناها، وهو حصول غربة الدين قبل ظهور محمد -صلى الله عليه وسلم - حتى عند النصارى، الذين هم أقرب الناس عهدا بالكتب والرسل، أن بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- كانت رحمة من الله لخلقه، هداهم الله بها بعد الضلالة، وبصرهم بها بعد العمى، وأرشدهم بها بعد الغي، وأخرجهم بها من الظلمات إلى النور.

وهذا هو اللائق بحكمته، ورحمته، وما مضى في خلقه من سابق سنته، لا ما يقول أعداؤه الكاذبون عليه، المكذبون رسوله، الزاعمون أنه كاذب عليه متقول على الله ما لم ينزل إليه، فإنه لا يليق بحكمة الرب الحكيم، ورحمة الملك القادر الرحيم، أن يؤيد من هذا شأنه أعظم التأييد، ويمكن له في الأرض غاية التمكين، بل كان اللائق به أن يأخذه ويجعله نكالا وعبرة للمعتبرين، كما قال -سبحانه وتعالى-:

<<  <  ج: ص:  >  >>