{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} فأقام -سبحانه- في هذه الآية البرهان القاطع على صدق رسوله، وأنه لم يتقول عليه فيما قاله، وأنه لو تقول عليه لما أقره، ولعاجله بالإهلاك، فإن كمال علمه وقدرته وحكمته تأبى أن يقر من تقول عليه، وافترى، وأضل عباده، واستباح دماء من كذبه وحريمهم وأموالهم، وأظهر في الأرض الفساد والجور والكذب وخلاف الحق.
فكيف يليق بأحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأقدر القادرين أن يقدره على ذلك؟ !. بل كيف يليق به أن يؤيده وينصره ويعليه ويظهره، ويظفره، بأهل الحق يسفك دماءهم ويستبيح أموالهم وأولادهم ونساءهم قائلا: إن الله أمرني بذلك، وأباحه لي؟. بل كيف يليق به أن يصدقه بأنواع التصديق كلها، فيصدقه بإقراره، وبالآيات المستلزمة لصدقه التي دلالتها على التصديق كدلالة التصديق بالقول أو أظهر، ثم يصدقه بأنواعها كلها على اختلافها، فكل آية على انفرادها مصدقة له، ثم يحصل باجتماع تلك الآيات تصديق فوق كل آية على انفرادها، ثم يعجز الخلق عن معارضته، ثم يصدقه بكلامه وقوله، ثم يقيم الدلالة القاطعة على أن هذا قوله وكلامه، فيشهد له بإقراره وفعله وقوله؟. فمن أعظم المحال وأبطل الباطل وأبين البهتان أن يجوز على