للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكم الحاكمين ورب العالمين أن يفعل ذلك بالكاذب المفتري عليه الذي هو شر الخلق على الإطلاق.

فمن جوز ذلك، على الله أن يفعل هذا بشر خلقه وأكذبهم عليه فما آمن بالله قطعا، ولا عرف الله وأنه رب العالمين، ولا يحسن نسبة ذلك إلى من له مسكة من عقل وحكمة وحجا. ومن فعل ذلك فقد أزرى على نفسه، ونادى على جهله.

وقد ذكر الإمام أبو عبد الله ابن القيم مناظرة جرت له مع بعض علماء أهل الكتاب تتعلق بهذا المقام، قال:

قلت له بعد أن أفضى في نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن قلت له: إنكار نبوته يتضمن القدح في رب العالمين وتنقصه بأقبح التنقص، فكان الكلام معكم في الرسول والكلام الآن في تنزيه الرب -تعالى-.

فقال: كيف تقول مثال هذا الكلام؟

فقلت له: بيانه علي فاسمع الآن: أنتم تزعمون أنه لم يكن رسولا، وإنما كان ملكا قاهرا قهر الناس بسيفه حتى دانوا له، ومكث ثلاثا وعشرين سنة يكذب على الله، ويقول: أوحي إلي، ولم يوح إليه، وأمرني، ولم يأمره، ونهاني، ولم ينهه، وقال الله كذا، ولم يقل ذلك، وأحل كذا، وحرم كذا، وأوجب كذا، وكره كذا، ولم يحل ذلك ولا حرمه ولا أوجبه ولا كرهه، بل هو فعل ذلك من تلقاء نفسه كاذبا مفتريا على الله وعلى أنبيائه وعلى رسله وملائكته.

<<  <  ج: ص:  >  >>