عشر نفرا، وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر إقبال السبت فحصروه، فلما أحس بهم، وأنه لا محالة من دخولهم إليه، أو خروجه إليهم قال لأصحابه: أيكم يلقى عليه شبهي وهو رفيقي في الجنة؟
فابتدر لذلك شاب منهم، فاستصغره عن ذلك، فأعادها ثانية، فكل ذلك لا ينتدب إلا ذلك الشاب، فقال: أنت هو، وألقي عليه شبه عيسى حتى كأنه هو، وفتحت روزنة في سقف الباب، وأخذت عيسى -عليه السلام- سنة من النوم، فرفع إلى السماء، وهو كذلك كما قال -تعالى-: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} ... .
فلما دخل أولئك النفر ورأوا ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى -عليه السلام-؛ فأخذوه في الليل، وصلبوه، ووضعوا الشوك على رأسه، وأظهر اليهود أنهم قتلوه، وتبجحوا بذلك، وسلم لهم طوائف من النصارى، ذلك بجهلهم وقلة عقلهم ما عدا من كان في بيت المسيح؛ فإنهم شاهدوا رفعه، وأما الباقون فإنهم ظنوا كما ظن اليهود أن المصلوب هو المسيح ابن مريم، حتى ذكروا أن مريم جلست تحت ذلك المصلوب وبكت. ويقال: إنه خاطبها. والله أعلم.
وهذا كله امتحان من الله لعباده لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وقد وضح الله الأمر، وجلاه، وبينه، وأظهره في القرآن الذي