قال في الآخر: ولا تعصه وهذا أيضاً سناد. وله رأي ثالث، وهو أن تكون الياءان لما أدغمت إحداهما في الأخرى صارتا بمنزلة حرف واحد، وصار التزام التشديد اختياراً من الشاعر، وإلا فترك التشديد جائز له. وهذا قول الخليل والأخفش جميعاً، وقد أنكره الجرمي وأبو سعيد السيرافي، وكل هاء تحرك ما قبلها فهي صلة، إلا أن تكون من نفس الكلمة؛ فإنك تكون فيها بالخيار: إن شئت جعلتها روياً، وإن شئت سمحت بها فصيرتها صلة والتزمت ما قبلها فجعلته روياً. وكثيراً ما يسقط الشعراء في هذا النوع، قال أبو الطيب:
أنا بالوشاة إذا ذكرتك أشبه ... تأتي الندى ويذاع عنك فتكره
وإذا رأيتك دون عرض عارضاً ... أيقنت أن الله يبغي نصره
فغلط في التصريع لأنه التزام فيه الهاء ولولا ذلك لكان البيتان رائيين وسمح بهاء تكره فصيرها صلة وإن كانت من نفس الكلمة. وقد وقع ابن المعتز في مثل حال أبي الطيب فقال:
أفنى العداة إمام ماله شبه ... ولا ترى مثله يوماً ولم تره
ضارٍ إذا انقض لم تحرم مخالبه ... مستوفز لاتباع الحق منتبه
ما يحسن القطر أن ينهل عارضه ... كما تتابع أيام الفتوح له