وربما قصر عمن هو دونه بكثير، ومنهم من تحمي الحاجة خاطره، وتبعث قريحته؛ فيجود، فإذا أوسع أنف، وصعب عليه عمل الأبيات اليسيرة فضلاً عن الكثيرة، وللعادة في هذه الأشياء فعل عظيم، وهي طبيعة خامسة كما قيل فيها.
[باب في المقاطع والمطالع]
اختلف أهل المعرفة في المقاطع والمطالع: فقال بعضهم: هي الفصول والوصول بعينها، فالمقاطع: أواخر الفصول، والمطالع: أوائل الوصول، وهذا القول هو الظاهر من فحوى الكلام، والفصل: آخر جزء من القسيم الأول كما قدمت، وهي العروض أيضاً، والوصل: أول جزء يليه من القسيم الثاني.
وقال غيرهم:
المقاطع: منقطع الأبيات، وهي القوافي، والمطالع: أوائل الأبيات وقال قدامة بن جعفر في بعض تآليفه وقد ذكر الترصيع: هو أن يتوخى تصيير مقاطع الأجزاء في البيت على سجع، أو شبيه به، أو من جنس واحد في التصريف، فأشار بهذه العبارة إلى أن المقاطع أواخر أجزاء البيت كما ترى.. وقد نجد من الشعر المرصع ما يكون سجعه في غير مقاطع الأجزاء، نحو قول أم معدان الأعرابية في مرثية لها:
فعل الجميل وتفريج الجليل وإع ... طاء الجزيل الذي لم يعطه أحد
فالسجع في هذا البيت اللام المطردة في ثلاثة أمكنة منه، وآخر الأجزاء التي هي المقاطع على شريطة الياء التي قبل اللام، اللهم إلا أن يجعل السجع هو الياء الملتزمة فحينئذ، على أنا لا نعلم حرف السجع يكون إلا متأخراً في مثل هذا المكان، ومثل هذا في أنواع الأعاريض كثير.
ومن الناس من يزعم أن المطلع والمقطع أول القصيدة وآخرها، وليس ذلك