سمي بذلك لأنه اشترى كعب بن مامة من أيدي قوم من عنزة أسروه، فكتم نفسه، وعرفه عبد الله وأظهر أنه لم يشتره عن معرفة، فوهبه كل ما لقي في طريقه من إبل أبيه بعبدانها، وكانت سوداً وحمراً وصهباً، وبلغ به إلى أبيه فأجاز له ذلك، وأعطاه قبته بما فيها، فلما أتى الحيرة قال بعض من رآه لصاحبه: إنه لذو جد، قال الآخر: بل هو ذو جدين، فسمي بذلك.
[باب في معرفة ملوك العرب]
وأنا أذكر في هذا الباب من ملوك النواحي من أخذه حفظي، وبلغته روايتي، على شريطة الاختصار والتخليص، بحسب الطاقة والاجتهاد، إن شاء الله تعالى.
ملوك اليمن: قال ابن قتيبة وغيره: أول من حيي بتحية الملوك أبيت اللعن وأنعم صباحاً يعرب بن قحطان، فولد له يشجب، وولد ليشجب سبأ، وقيل: إنه أول من سبى السبي من ولد قحطان، واسمه عبد الشمس، وقيل: عامر، وأول الملوك المتوجين من ولده حمير بن سبأ ملك حتى مات هرماً، ولم يزل الملك في ولد حمير لا يعدوا ملكهم اليمن، حتى مضت قرون، وصار الملك إلى الحارث الرائش، وبينه وبين حمير خمسة عشر أباً، فخرج من اليمن، وغزا وجلب الأموال، فراش الناس، وبذلك سمي الرائش، وفي عصره مات لقمان صاحب النسور، وهو لقمان الذي بعثته عاد ليستسقي لها بمكة، وكان ملك الرائش مائة وخمسة وعشرين سنة، وذكر نبينا صلى الله عليه وسلم، وأنشد ابن قتيبة:
وأحمد إسمه، يا ليت أني ... أعمر بعد مبعثه بعام
ثم أبرهة ذو المنار بن الرائش، وكان ملكه مائة وثلاثاً وثمانين سنة، ثم أفريقس بن أبرهة، وهو الذي بنى أفريقية، وبه سميت وكان ملكه