وأنشد لأبي نواس، وهو عندي بعيد من أحكام السمعة التي يدخل بها في هذا الباب، على أنه غاية في ذاته؛ لأن أكثر العادة أن تعاد اللفظة بنفسها:
دقت ورقت مذقة من مائها ... والعيش بين رقيقتين رقيق
وأنشد لمسلم بن الوليد:
تبسم عن مثل الأقاح تبسمت ... له مزنة صيفية فتبسما
وهذا البيت أيضاً ترديد، وأنشد للطائي:
ولم يحفظ مضاع المجد شيء ... من الأشياء كالمال المضاع
فالمولدون أكثر عناية بهذه الأشياء، وأشد طلباً لها من القدماء، وهي في أشعارهم أوجد كما قدمت آنفاً.
[باب المطابقة]
المطابقة في الكلام: أن يأتلف في معناه ما يضاد في فحواه المطابقة عند جميع الناس: جمعك بين الضدين في الكلام أو بيت الشعر، إلا قدامة ومن اتبعه؛ فإنهم يجعلون اجتماع المعنيين في لفظة واحدة مكررة طباقاً، وقد تقدم الكلام في باب التجانس، وسمى قدامة هذا النوع الذي هو المطابقة عندنا التكافؤ، وليس بطباق عنده إلا ما قدمت ذكره، ولم يسمه التكافؤ أحد غيره وغير النحاس من جميع من علمته.