للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورثاء الأطفال أن يذكر مخايلهم، وما كانت الفراسة تعطيه فيهم، مع تحزن لمصابهم، وتفجع بهم، كالذي صنع أبو تمام في ابني عبد الله بن طاهر.

[باب الاقتضاء والاستنجاز]

حسب الشاعر أن يكون مدحه شريفاً، واقتضاؤه لطيفاً، وهجاؤه إن هجا عفيفاً؛ فإن الاقتضاء الخشن ربما كان سبب المنع والحرمان، وداعية القطيعة والهجران، وقوم يدرجون العتاب في الاقتضاء، والاقتضاء في العتاب، وأنا أرى غير هذا المذهب أصوب؛ فالاقتضاء طلب حاجة، وباب التلطيف فيه أجود؛ فإن بلغ الأمر العتاب فإنما هو طلب الإبقاء على المودة والمراعاة، وفيه توبيخ ومعارضة لا يجوز معها بعد الاقتضاء، إلا أن الناس خلطوا هذين البابين، وساووا بينهما.

فمن أحسن الاقتضاء على ما تخيرته، ونحوت إليه قول أمية بن أبي الصلت لعبد الله بن جدعان:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك؟ إن شيمتك الحياء

وعلمك بالحقوق وأنت فرع ... لك الحسب المهذب والسناء

خليل لا يغيره صباح ... عن الخلق الجميل ولا مساء

فأرضك كل مكرمة بنتها ... بنو تيم وأنت لها سماء

إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرضه الثناء

تباري الريح مكرمة وجوداً ... إذا ما الكلب أجحره الشتاء

فأنت ترى هذا الاقتضاء كيف يلين الصخر، ويستنزل القطر، ويحط العصم إلى السهل؟؟ ومثله قول الآخر:

لأشكرنك معروفاً هممت به ... إن اهتمامك بالمعروف معروف

<<  <  ج: ص:  >  >>