وإنما كنى بالقلص وهي النوق الشواب عن النساء، وعرض برجل يقال له جعدة كان يخالف إلى المغيبات من النساء، ففهم عمر ما أراد، وجلد جعدة ونفاه.
ومن الكناية اشتقاق الكنية؛ لأنك تكني عن الرجل بالأبوة، فتقول: أبو فلان، باسم ابنه، أو ما تعورف في مثله، أو ما اختار لنفسه؛ تعظيماً له وتفخيماً، وتقول ذلك للصبي على جهة التفاؤل بأن يعيش ويكون له ولد.
قال المبرد وغيره: الكناية على ثلاثة أوجه: هذا الذي ذكرته آنفاً أحدها، والثاني: التعمية والتغطية التي تقدم شرحها، والثالث: الرغبة عن اللفظ الخسيس كقول الله عز وجل: " وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا " فإنها فيما ذكر كناية عن الفروج. ومثله في القرآن وفي كلام الفصحاء كثير.
[باب التتبيع]
ومن أنواع الإشارة التتبيع، وقوم يسمونه التجاوز، وهو: أن يريد الشاعر ذكر الشيء فيتجاوزه، ويذكر ما يتبعه في الصفة وينوب عنه في الدلالة عليه، وأول من أشار إلى ذلك امرؤ القيس يصف امرأة:
ويضحى فتيت المسك فوق فراشها ... نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
فقوله " ويضحى فتيت المسك " تتبيع، وقوله " نؤوم الضحى " تتبيع ثان، وقوله " لم تنتطق عن تفضل " تتبيع ثالث، وإنما أراد أن يصفها بالترفه، والنعمة،