ففي هذا المعنى من التقصير أنه جاء به في صفين وأنه جعله أنياب الخلافة بقوله:
أولئك أنياب الخلافة كلها ... وسائر أملاك البلاد الزوائد
وهم سبعة بالممدوح، والأنياب في المتعارف أربعة، إلا أن تكون الخلافة تمساح نيل أو كلب بحر؛ فإن أنياب كل واحد منهما ثمانية، اللهم إلا أن يريد أن كل واحد منهم ناب الخلافة في زمانه خاصة؛ فإنه يصح، وفيه من الزيادة على ما قبله أنه زاد واحداً في العدد، فإنه جعل كل ابن هو أبوه في الخلافة إلى أن بلغ راشداً، ولم يقصد إلى ذلك أحد من أصحابه، وإنما مقت شعره هذا تكريره كل اسم مرتين في بيت واحد، وهي أربعة أسماء.
[باب التضمين والإجازة]
وهذا باب يختلط على كثير من الشعراء ممن ليس له ثقوب في العلم ولا حذق بالصناعة، كجماعة ممن وسم في بلدنا بالمعرفة، وينسب إليها مكذوباً عليه فيها، كاذباً فيما ادعاه منها، ولتعرفنهم في لحن القول.
فأما التضمين فهو قصدك إلى البيت من الشعر أو القسيم فتأتي به في أواخر شعرك أو في وسطه كالمتمثل، نحو قول محمود بن الحسين كشاجم الكاتب:
يا خاضب الشيب والأيام تظهره ... هذا شباب لعمر الله مصنوع
أذكرتني قول ذي لب وتجربة ... في مثله لك تأديب وتقريع
إن الجديد إذا ما زيد في خلق ... تبين الناس أن الثوب مرقوع
فهذا جيد في بابه، وأجود منه أن لو يكن بين البيت الأول والآخر واسطة؛ لأن الشاعر قد دل بذلك على أنه متهم بالسرق، أو على أن هذا البيت غير مشهور، وليس كذلك، بل هو كالشمس اشتهاراً، ولو أسقط البيت الأوسط