للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الحشو وفضول الكلام]

وسماه قوم الاتكاء، وذلك أن يكون في داخل البيت من الشعر لفظ لا يفيد معنى، وإنما أدخله الشاعر لإقامة الوزن، فإن كان ذاك في القافية فهو استدعاء، وقد يأتي في حشو البيت ما هو زيادة في حسنه وتقوية لمعناه: كالذي تقدم من التتميم، والالتفات، والاستثناء، وغير ذلك، مما ذكرته آنفاً.

من ذلك قول عبد الله بن المعتز يصف خيلاً:

صببنا عليها ظالمين ... فطارت بها أيد سراع وأرجل

وقد مر ذكره في باب المبالغة، فقوله ظالمين حشو أقام بها وزن، وبالغ في المعنى أشد مبالغة من جهته، حتى علمنا ضرورة أن إتيانه بهذه اللفظة التي هي حشو في ظاهر الأمر أفضل من تركها، وهذا شبيه بالتتميم..

وقال الفرزدق:

ستأتيك مني إن بقيت قصائد ... يقتصر عن تحبيرها كل قائل

فقوله إن بقيت حشو في ظاهر لفظه، وقد أفاد به معنى زائداً، وهو شبيه بالالتفات من جهة، وبالاحتراس من جهة أخرى، فما كان هكذا فهو الجيد، وليس بحشو إلا على المجاز، أو بعد أن ينعت بالجودة والحسن، أو يضافا إليه، وإنما يطلق اسم الحشو على ما قدمت ذكره مما لا فائدة فيه.

وقد أتى العتابي بما فيه كفاية حيث يقول:

إن حشو الكلام من لكنه المر ... ء وإيجازه من التقويم

فجعل الحشو لكنة، وليس كل ما يحشى بن الكلام لزيادة فائدة لكنة،

<<  <  ج: ص:  >  >>