طراز لا تحسنه، فقال له بشار: ألمثلي يقال هذا الكلام؟ أنا والله أرجز منك ومن أبيك ومن جدك، ثم غدا على عقبة بن سلم بأرجوزته التي أولها:
يا طلل الحي بذات الصمد ... بالله خبر كيف كنت بعدي
فضح بها ابن رؤبة فضيحة ظاهرة كان غنياً عنها..
وكان في البحتري إعجاب شديد، إذ أنشد يقول: ما لكم لا تعجبون؟ أما حسن ما تسمعون؟ فأنشد المتوكل يوماً قصيدته التي أولها:
عن أي ثغر تبتسم ... وبأي طرف تحتكم؟
وأبو العباس الصيمري حاضر، فلما رأى إعجابه قام حذاءه فقال:
من أي سلح تلتقم؟ ... وبأي كف تلتطم؟
ذقن الوليد البحتري ... أبي عبادة في الرحم
فولى البحتري وهو غضبان، فقال: وعلمت أنك تنهزم فضحك المتوكل حتى فحص برجليه، وأعطى الصيمري جائزة سنية.
[باب عمل الشعر وشحذ القريحة]
لا بد للشاعر وإن كان فحلاً، حاذقاً، مبرزاً، مقدماً من فترة تعرض له في بعض الأوقات: إما لشغل يسير، أو موت قريحة، أو نبو طبع في تلك الساعة أو ذلك الحين. وقد كان الفرزدق وهو فحل مضر في زمانه يقول: تمر علي الساعة وقلع ضرس من أضراسي أهون علي من عمل بيت من الشعر. فإذا تمادى ذلك على الشاعر قيل: أصفى وأفصى، كما يقال: أفصت الدجاجة