وأنشد الأصمعي لعكاشة بن أبي مسعدة: يدفع عنها كل مشبوب أغر قال: المشبوب الذي إذا رأيته فزعت لحسنه.. قال ابن دريد: شببت في الشعر شبيباً، مثل نسبت نسيباً، والنسيب أكثر ما يستعمل في الشعر.
[باب في المديح]
وسبيل الشاعر إذا مدح ملكاً أن يسلك طريقة الإيضاح والإشادة بذكره للممدوح، وأن يجعل معانيه جزلة، وألفاظه نقية، غير مبتذلة سوقية، ويجتنب مع ذلك التقصير والتجاوز والتطويل؛ فإن للملك سآمة وضجراً، ربما عاب من أجلها ما لا يعاب، وحرم من لا يريد حرمانه، ورأيت عمل البحتري إذا مدح الخليفة كيف يقل الأبيات، ويبرز وجوه المعاني، فإذا مدح الكتاب عمل طاقته، وبلغ مراده.
وقد حكى عن عمارة أن جده جريراً قال: يا بني، إذا مدحتهم فلا تطيلوا الممادحة؛ فإنه ينسى أولها، ولا يحفظ آخرها، وإذا هجوتم فخالفوا.
قال عبد الكريم: وهذا ضد قول عقيل بن علفة المرادي، وحكى غيره قال: دخل الفرزدق على عبد الرحمن بن أم الحكم، فقال له عبد الرحمن: أبا فراس، دعني من شعرك الذي ليس يأتي آخره حتى ينسى أوله، وقال: قل في بيتين يعلقان بالرواة، وأنا أعطيك عطية لم يعطكها أحد قط قبلي، فغدا عليه وهو يقول:
وأنت ابن بطحاوي قريشٍ، وإن تشأ ... تكن من ثقيف سيل ذي خدر غمر