بشيء؛ لأنا نجد في كلام جهابذة النقاد إذا وصفوا قصيدة قالوا: حسنة المقاطع، جيدة المطالع، ولا يقولون المقطع والمطلع، وفي هذا دليل واضح؛ لأن القصيدة إنما لها أول واحد، وآخر واحد، ولا يكون لها أوائل وأواخر، إلا على ما قدمت من ذكر الأبيات والأقسمة وانتهائها.
وسألت الشيخ أبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن السمين عن هذا، فقال: المقاطع أواخر الأبيات، والمطالع أوائلها، قال: ومعنى قولهم حسن المقاطع جيد المطالع أن يكون مقطع البيت وهو القافية متمكناً غير قلق ولا متعلق بغيره، فهذا هو حسنه، والمطلع وهو أول البيت جودته أن يكون دالاً على ما بعده كالتصدير وما شاكله.
وروى الجاحظ أن شبيب بن شيبة كان يقول: الناس موكلون بتفضيل جودة الابتداء وبمدح صاحبه، وأنا موكل بتفضيل جودة المقطع وبمدح صاحبه، وحظ جودة القافية وإن كانت كلمة واحدة أرفع من حظ سائر البيت أو القصيدة، وحكاية الجاحظ هذه تدل على أن المقطع آخر البيت أو القصيدة، وهو بالبيت أليق؛ لذكر حظ القافية.
وحكى أيضاً عن صديق له أنه قال للعتابي: ما البلاغة؟ فقال: كل كلام أفهمك صاحبه حاجته من غير إعادة ولا حبسة ولا استعانة فهو بليغ، قال: قلت: قد عرفت الإعادة والحبسة، وما الاستعانة؟ قال: أما تراه إذا تحدث قال عند مقاطع كلامه: يا هناه اسمع مني، واستمع إلي، وافهم، وألست تفهم؟ هذا كله عي وفساد.
قال صاحب الكتاب: وهذا القول من العتابي يدل على أن المقاطع أواخر الفصول. ومثله ما حكاه الجاحظ أيضاً عن المأمون أنه قال لسعيد