أن للموجز من فضل الاختصار ما ينكره المطيل، ولكن إذا كان صاحب القصائد دون صاحب القطع بدرجة أو نحوها وكان صاحب القطع لا يقدر على التطويل إن حاوله بتةً سوي بينهما؛ لفضل غير المجهود على المجهود، فإنا لا نشك أن المطول إن شاء جرد من قصيدته قطعة أبيات جيدة، ولا يقدر الآخر أن يمد من أبياته التي هي قطعة قصيدة.
ولام قوم الكميت على الإطالة فقال: أنا على الإقصار أقدر، هكذا جاءت الدواية، ولا تكاد ترى مقطعاً إلا عاجزاً عن التطويل، والمقصد أيضاً قد يعجز عن الاختصار، ولكن الغالب والأكثر أن يكون قادراً على ما حاوله من ذلك وبالعجز رمى الكميت.
وكان عبد الكريم بهذه الصفة، لا يكاد يصنع مقطوعاً، ولا أظن في جميع أشعاره خمس قطع أو نحوها.
وكان أبو تمام على جلالته وتقدمه مقصراً في القطع عن رتبة القصائد..
والمشهورون بجودة القطع من المولدين: بشار بن برد، وعباس بن الأحنف، والحسن بن الضحاك، وأبو نواس، وأبو علي البصير، وعلي بن الجهم، وابن المعذل، والجماز، وابن المعتز.
وكانوا يقولون في زمان منصور الفقيه وهو قريب من عصرنا هذا: إياكم ومنصوراً إذا رمح بالزوج، وكان ربما هجا بالبيت الواحد.
ووصف عبد الكريم أبا الطيب؛ فزعم أنه أحسن الناس مقاطيع، ولو قال مقاطع بلا ياء قلنا صدقت ولم نخالفه.
وقيل: إذا بلغت الأبيات سبعة فهي قصيدة، ولهذا كان الإيطاء بعد سبعة غير معيب عند أحد من الناس ... ومن الناس من لا يعد القصيدة إلا ما بلغ